في إنشاء الرهن
لابد في تحقق الرهن من التزام الراهن بمضمونه وقبول المرتهن به. ويكفي فيه كل ما يدل على ذلك من قول أو فعل، ويقع على وجهين..
الأول: أن يلتزم به استقلالاً، إما ابتداء أو جرياً على اشتراطه في ضمن عقد لازم، كعقد القرض فيقول المدين للدائن مثلاً: رهنتك هذا الثوب على دينك، فيقبل الدائن بذلك.
الثاني: أن يلتزم به في ضمن عقد لازم، كعقد القرض أو غيره، فيقول المقرض مثلاً: أقرضتك هذه المائة دينار على أن يكون هذا الثوب رهناً عليها، فيقبل المقترض بذلك، أو يقول الدائن: بعتك هذا الدفتر بهذا الدينار على أن يكون ثوبك هذا رهناً على دينك، فيقبل المدين.
(مسألة 1): الرهن من الإنشاءات اللازمة بالأصل، ولا يجوز الرجوع فيها لأحد الطرفين إلا بالتقايل أو بطروء أحد أسباب الخيار العامة، كتخلف الشرط الصريح أو الضمني. نعم يجوز للمرتهن إسقاط حقه من المال المرهون متى شاء، فينفذ عليه، ولا يجوز له الرجوع فيه بعد ذلك، لكنه ليس فسخاً للرهن، بل هو نظير الإبراء من الدين لا يكون فسخاً للعقد الذي أوجبه.
(مسألة 2): يصح الرهن ويلزم بمجرد اتفاق الطرفين عليه، ولا يتوقف صحته ولا لزومه على قبض المرتهن للمال المرهون.
(مسألة 3): يسقط حق الرهن ببراءة ذمة من عليه الدين من الدين الذي وقع الرهن له بتمامه، ولا يكفي براءته من بعضه في سقوط حق الرهن عن بعض المال بنسبته، فضلاً عن سقوطه عنه بتمامه.
(مسألة 4): إذا كان للمرتهن على الراهن دينان وكان الرهن على أحدهما دون الآخر، فإذا برئت ذمة الراهن من الدين الذي عليه الرهن لم يكن للمرتهن إمساك المال المرهون ليكون رهناً على الدين الآخر، بل يجب تسليمه للراهن مع مطالبته به.
(مسألة 5): إذا تلف المال المرهون أو سقط عن قابلية استيفاء الحق منه، فإن كان بوجه مضمون قام بدله مقامه في كونه رهناً على الحق، وإن لم يكن مضموناً بطل الرهن، ولا يجب على الراهن إبداله بغيره إلا إذا سبق اشتراط ذلك عليه في الرهن أو في عقد آخر.
(مسألة 6): يعتبر في الراهن والمرتهن الكمال والبلوغ والعقل وعدم الإكراه، كما يعتبر في الراهن ملك المال المرهون وعدم الحجر بسفه أو فلس، ولا يعتبر ذلك في المرتهن، لعدم كون الرهن تصرفاً في ماله. وإذا كان أحد الطرفين قاصراً قام وليه مقامه، كما يقوم الوكيل مقام الأصيل في ذلك.
(مسألة 7): إذا وقع الرهن مع قصور سلطنة أحد الطرفين كان فضولياً وتوقف نفوذه على إجازة من له السلطنة وجرت فيه فروع الفضولي، ويتضح كثير منها مما تقدم في البيع.