في الدين الذي يرهن له
يصح الرهن على كل عين ثابتة في الذمة، كالدراهم والدنانير والطعام ونحوها مما يكون ديناً في ذمة الغير. وفي عمومه للمنافع إشكال، كما لو استأجر إنسان على عمل لم تؤخذ فيه المباشرة، فأراد المستأجر أن يستوثق لنفسه فيأخذ رهناً، ليكون له أن يستوفي منه العمل المستأجر عليه إذا لم يؤده الأجير، فيبيع الرهن المذكور ويستأجر بثمنه من يقوم بذلك العمل. نعم يجوز له التوثق لذلك بالالتزام في ضمن عقد لازم بجعل شيء وثيقة للعمل المطلوب، نظير ما تقدم في رهن الديون والمنافع.
(مسألة 20): لا يصح الرهن على ما يتوقع ثبوته في الذمة قبل أن يثبت فعلاً، سواء تحقق مقتضي ثبوته كالجعل في الجعالة قبل الإتيان بالعمل، وبدل المغصوب قبل التلف لأن يد الغاصب سبب للضمان، أم لم يتحقق المقتضي، كبدل الأمانات غير المضمونة إذا أراد صاحبها التوثق بأخذ الرهن حذراً من التفريط فيها، وبدل المبيع الذي يقبضه المشتري إذا أراد البائع التوثق بأخذ الرهن حذراً من حصول أحد أسباب الفسخ أو البطلان من دون أن يستطيع استرجاع المبيع كي يستطيع استيفاء بدله من الرهن، ونظيره بدل الثمن الذي يقبضه البائع إذا أراد المشتري التوثق بأخذ الرهن حذراً من حصول أحد أسباب الفسخ أو البطلان من دون أن يستطيع استرجاع الثمن.
وكذا الحال في الأعيان المملوكة إذا كانت في يد الغير ـ كالأمانة والمبيع الذي يشترط تأجيل تسليمه ـ وأراد صاحبها التوثق لنفسه بأخذ مال ممن هي في يده ليكون ملزماً بتسليمها بأعيانها.
نعم يمكن اشتراط التوثق في جميع ذلك في ضمن عقد لازم، نظير ما تقدم في رهن المنافع والديون، كما لو اشترى عمرو سيارة زيد نقداً واشترط عليه أن تكون داره وثيقة للثمن الذي دفعه ليستوفيه منها لو ظهرت السيارة معيبة أو مغصوبة ثم وقع تسليم الثمن مبنياً على الشرط المذكور، بأن يكون دفعه مع احتمال بطلان البيع مبنياً على جعل الدار وثيقة له، وكما لو اشترى زيد دار عمرو على أن تسلم إليه الدار بعد سنة واشترط على عمرو أن يدفع له سيارته لتكون وثيقة للدار من أجل أن يسلمها بعد السنة وهكذا، فإن الشرط المذكور نافذ، كما تقدم نظيره.