فضل الهدية:
السلام عليكم ورحمة الله. بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين -نبينا محمد- وعلى آله وصحبه أجمعين.
عرفنا أن الهدية: هي التبرع بجزء من المال أو بمنفعة؛ لقصد التودد والمحبة. وأن العطية: هي إعطاء الإنسان غيره شيئا من المال، بغير مقابل. وأن الهدية قسمان: هدية تبرر، وهدية ثواب. هدية الثواب تكون كالبيع. إذا لم يعط مقابلها، فله الرجوع. وهدية التبرر لا يجوز الرجوع فيها.
وقد ورد فضل الهدية كما هو مشهور تهادوا تحابوا وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل الهدية ويثيب عليها، مع أن أهلها لا يشترطون ثوابا، ولكنه يحب مكافأتهم. ورد حديث من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه وبهذا يعرف أن الهدية تكون مالا وتكون منفعة.
فالإنسان الذي يعلمك ويفهمك مسألة من المسائل يعتبر قد فعل معك معروفا، وأنت تحب أن تكافئه، لكن يستحب له إذا كان قصده الثواب والأجر ألا يأخذ هديتك؛ لأنها قد تنقص أجره، تذكرون حديث سلمان أنه علم رجلا من أهل الصفة آيات من القرآن؛ فأهدى إليه قوسا، فسأل النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال: إن أحببت أن تطوق مثله من النار فخذه لماذا؟ لأنه أراد الأجر بتعليمه، فلا يحق له أن يفسد أجره، وأن يأخذ عليه عوضا.
ويقال كذلك في كل من عمل عملا يحتسبه عند الله، فلا يفسد أجره بقبول تلك الهدية، سيما إذا كان ذلك الذي علمته أو دللته فقيرا كأهل الصفة الذين هم من فقراء المهاجرين؛ لذلك لا شك أنه يحتسب الأجر، فليس له أن يأخذ ما يقابله.
ورد في ذلك حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال -ما معناه-: من عمل عملا يبتغي به وجه الله فأهدي إليه شيئا فلا يأخذه ورد في بعض الروايات أنه من الربا، وإن لم يكن من الربا الصريح، إذا عملت له عملا تحتسبه فلا تأخذ عليه أجرا، مثل: إذا حملت له متاعه، أو رفعته له، أو أوصلته له إلى منزله، وأنت محتسب، وعرفت أنه فقير ذو حاجة، أو كذلك شفعت له عند من قضى حاجته، أو ما أشبه ذلك تحتسب الأجر، فليس لك إفساد أجرك بأخذ هدية، وقد قصدت الأجر الأخروي، فلا تأخذ أجرا دنيويا.