الوصية فيما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة
ثم "تصح الوصية موقوفة على الإجازة" هذا معنى على الإجازة يعني: موقوفة على إجازة الورثة، فإذا قالوا بعد الموت: أبونا أوصى لك يا أخانا بمائة ألف أو أوصى لك بالربع، ونحن قد سمحنا قبل الموت، والآن -أيضا- نسمح بعد الموت أجازوا ما أوصى به أبوهم لأخيهم، يجوز ذلك.
كذلك -أيضا- إذا أوصى بأكثر من الثلث لأجنبي، قال: أعطوا أخي، وهو غير وارث، أو عمي أعطوه نصف المال، أو الخُمُسيْن، أو أعطو أعمامي، وإخواني خُمُس التركة سمحوا في حياته، ثم بعد الموت سمحوا، أجازوا ذلك، صحَّت الوصية، فالإجازة لا تكون إلا بعد الموت.
"وتكره من وصية فقير، وارثه محتاج" إذا كان ماله قليلا، وورثته فقراء فإن البر فيهم، وإن الأجر فيهم، فله أن يترك ماله القليل لورثته ليتعففوا، وليكفوا وجوههم عن الحاجة إلى الناس لقوله في الحديث: خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس يتكففونهم يعني: يسألونهم، السائل عادة يمد كفه، ويقول: يا فلان، أعطني، يا فلان، تصدق علي، فيسمى هذا التسول يسمى تكففا بمعنى: أنه يمد كفه، هذا معنى يتكففون الناس؛ فلذلك إذا كان المال قليلا، والفقراء محتاجون، فالصدقة فيهم صدقة وصلة وبر، وإغناء لأولاده عن أن يحتاجوا، فهذا معنى قوله: "وارثه محتاج" تكره وصيته إذا كان فقيرا، وورثته محتاجون.
ثم إذا لم يكن له وارث إلا بيت المال، فله أن يوصي بماله كله يعني: أنه، والحال هذه ليس هناك، وارثا يحتاجه يعني: لا يوجد له نسل منقطع ليس له أقارب، فأقاربه هم الذين يمسك الحق والمال لأجلهم، وأما إذا لم يكن له، وارث فله أن يتصدق بماله كله في الحياة، وله أن يوصي به كله في أعمال البر.