عدم وفاء الوصية بالموصى لهم
يقول "فإن لم يف الثلث بالوصايا تحاصوا فيه كمسائل العول" قد تقدم هذا قريبا في الفرق بين العطية والوصية، حيث ذكر أن العطية يبدأ فيها بالأول فالأول، وأما الوصية فإنهم يتحاصون فيها، تُقسَّم بينهم على قدر أنصبائهم إذا لم يف الثلث، نعيد مثال ذلك قلنا: إذا كان مريضا فقال في مرضه: أعطوا زيدا ألف، ثم قال بعد يومين: أعطوا خالدا ألفين، ثم قال بعد يوم: أعطوا سعيدا ألفين، أصبحت الوصيايا خمسة آلاف، ثم ما أعطايناهم؛ لأنه مريض ننظر في نهايته، بعد ما مات وجدنا التركة أربعة آلاف في هذه الحالة نقول: لك يا زيد ألف؛ لأنك أولهم خذ وصيتك كاملة، ولك يا خالد ألفين، وصيتك كاملة؛ لأنك بعد زيد، ولك يا سعد ألف، ما بقي من الثلث إلا ألف، أوصى لك بألفين، ولم يبق إلا ألف، فتأخذ الألف الذي بقي، هذا معنى أنه يبدأ بالأول فالأول في العطية.
وأما الوصية فإنهم يتحاصون، ففي هذه الحال إذا كان لزيد ألف، ولخالد ألفان، ولسعد ألفان، ووجدنا أن التركة أربعة آلاف، كم نقصت؟ نقصت الخُمُس عن الوصايا، مجموع الوصايا خمسة آلاف، والثلث إنما هو أربعة نقصت الخمس، ففي هذه الحال يتحاصون كل واحد منهم يسقط الخمس من الذي له، فالذي له ألف يسقط خمسه، له ثمانمائة، والذي له ألفان يسقط الخمس، يُعطَى ألف وستمائة، وبذلك تنقسم عليهم أربعة آلاف التي هي الثلث، هذا معنى كونهم يتحاصون بالوصايا فيه كمسائل العول.
يأتينا العول في الفرائض أنه يقسم بينهم بقدر سهامهم، وتزيد سهامهم، تزيد السهام، وتنقص الحقوق يعني: إذا مات ميت، مات رجل وله أم وأخت وزوج، فإن الزوج له النصف، والأخت لها النصف، والأم لها الثلث، فمن أين نعطي الأم؟ يدخل النقص عليهم، يدخل عليهم النقص فكل واحد منهم ينقص نصيبه، يعني: نقسم المال إلى ثمانية أسهم، فلك يا زوج ثلاثة أثمان، ولك يا أم ربع، ولك يا أخت ثلاثة أثمان، دخل النقص عليهم، هذه مسائل العول.