من حق رابح سعدان الإتكاء على تسويغات يراها منطقية لمآل مباراة سلوفينيا، على غرار إصابة عديد لاعبيه الأساسيين أبرزهم رفيق جبور وعنتر يحي ومهدي لحسن، وعدم جهوزية البعض الآخر للسبب ذاته أو لنقص في المنافسة كما هو الشأن مع مجيد بوقرة وكريم زياني وحسان يبدة، أو لقلّة في الخبرة وحداثة العهد بالمواعيد الكبرى في إشارة للظهير الأيمن فؤاد خذير، ولكن..
من حق الرأي العام الكروي الجزائري أيضا أن يطلب من سعدان تفسيرات لهذه التساؤلات المحرقة وغيرها:
لماذا يصر الناخب الوطني على انتهاج فلسفة الكرة الإيطالية وهو الذي تتلمذ على يد إطارات سوفياتية؟ ولماذا ينزع لأسلوب لعب يبالغ من خلاله في الحذر وعدم صنع اللعب، مقابل ترك زمام المبادرة للمنافس؟ ولماذا هذا التقشف "الحربي" أو الزهد الإبداعي والتقليل من المناورات الهجومية؟
ولماذا ما يزال سعدان يهدر وقته في منح لاعب من طينة عبد القادر غزال الفرصة تلو الأخرى، وهو الذي فقد حس التهديف من زمان، هذا إن لم يكن أصلا غير كفئ لشغل منصب رأس حربة! ومتى يعي الرجل بأن غزال يمر بمرحلة شبيبة بنهايات الدولي الإيطالي السابق كريستيان فييري، وتعرفون أنه في الأيام الأخيرة لهذا المهاجم، تحوّل فييري إلى أشبه ب "رامبو" يصلح لأفلام الحركة واستعراض العضلات أكثر من مداعبة الكرة، ثم هل بإمكان سعدان أن يقنع الشارع الكروي المحلي بأنه يمتلك سلطان القرار بخصوص ضبط التشكيل؟
ومتى يكف المسؤول الأول عن العارضة الفنية ل "الخضر" عن ترديد بعض الأغنيات الممجوجة من قبيل "نحن في مرحلة تكوين، مواعيد مثل المونديال مفيدة لمستقبل زملاء بودبوز، نتيجة المباراة تحددها جزئيات بسيطة وأخطاء تافهة..." ذلك لأنه عندما أسمع الرجل يعزف على هذه الأوتار الأكثر إزعاجا من أصوات "الفوفوزيلا" تستدعي ذاكرتي آليا تصريحات مدربي الدوري الجزائري، فمباشرة بعد تعاقدهم مع ناد ما، لا يجد هذا الإطار الفني أو ذاك حرجا في إتحافنا بهذه الكلمات التي ليست كالكلمات: "اتفقت مع رئيس النادي على سياسة التكوين، وضمان البقاء"، في مشهد كاريكاتوري روتيني يضحك ويبكي في آن واحد.
ونهيب في الأخير من معشر الإعلاميين أن يكونوا في مستوى درجة فئة النخبة أو الطبقة المستنيرة التي ينتمون إليها، فمن حقهم تقويم الإعوجاجات، وتصحيح الإختلالات، ولكن ما لا يستساغ هو هذا الإغتراف الجزافي من قواميس الحياة البرية والأسواق الشعبية حتى لا نقول "أوكار الصعاليك"، في التباري في إلهاب ظهر سعدان بسياط الإنتقادات اللاذعة، نقول هذا لأن بعض المنتسبين لهذه المهنة بدأ من الآن في شحذ السكاكين والسواطير انتظارا لسقوط "الثور"، في حين راح البعض يستعجل من سعدان تلاوة "خطبة الوداع" وإعادة المئزر لأصحابه، والحمد لله أن "الرهط المتوحش" والدخيل على مهنة "القلم" ماعاد غريبا خياله عن جمهور القراء.
azzurri10_dz@yahoo.fr نقلا عن صحيفة "أطلس سبورت"