النداء
--------------------------------------------------------------------------------
الأمثلة:
(1)_كتب أبو الطيب إلى الوالى وهو في الاعتقال :
أمالك رقى ومن شأنه هبات اللجين وعتق العبيد(1)
دعوتك عند انقطاع الرجا ء والموت منى كحبل الوريد(2)
(2)_وقال أبو نواس :
يارب إن عظمت ذنوبى كثرة فلقد علمت بأن عفوك أعظم
(3)_وقال الفرزدق يفتخر بآبائه ويهجو جريرا :
أولئك آبائى فجئنى بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع
(4)_وقال آخر :
أيا جامع الدنيا لغير بلاغة لمن تجمع الدنيا وأنت تموت؟
البحث.
إذا أردنا إقبال أحد علينا دعوناه بذكر اسمه أو صفة من صفاته بعد حرف نائب مناب أدعو ،ويسمى هذا بالنداء .
وأدوات النداء هى :الهمزة ،وأى ،ويا، وآ،وآى ،وأيا،وهيا،ووا.
والأصل في نداء القريب أن ينادى بالهمزة أو أى ،وفي نداء البعيد أن ينادى بغيرهما من بقية الأدوات ،غير أن هناك أسبابا بلاغية تدعو إلى مخالفة هذا الأصل ،وسنشرح لك هذه الأسباب فيما يأتى:
تأمل المثال الأول تجد المنادى فيه بعيدا ، ولكن أبا الطيب ناداه بالهمزة الموضوعة للقريب ،فما السبب البلاغى هنا ؟السبب أن أبا الطيب أراد أن يبين أن المنادى على الرغم من بعده فى المكان ،قريب من قلبه مستحضر فى ذهنه لا يغيب عن باله ،فكأنه حاضر معه فى مكان واحد.وهذه لطيفة بلاغية تسوغ استعمال الهمزة وأى فى نداء البعيد.
(1)الرق: العبودية، والهبات: العطايا ، واللجين: الفضة ، والعتق: التحرير.
(2)حبل الوريد: عرق فى العنق يضرب مثلا فى شدة القرب.
انظر إلى الأمثلة الثلاثة الباقية تجد المنادى في كل منهما قريبا، ولكن المتكلم استعمل فيها أحرف النداء الموضوعة للبعيد فما سبب هذا ؟
السبب أن المنادى في المثال الثاني جليل القدر خطير الشأن فكأن بعد درجته في العظم بعد في المسافة ، ولذلك اختار المتكلم في ندائه الحرف الموضوع لنداء البعيد ليشير إلى هذا الشأن الرفيع . وأما في المثال الثالث فلأن المخاطب في اعتقاد المتكلم وضيع الشأن صغير القدر فكأن بعد درجته في الانحطاط بعد فى المسافة.وأما فى المثال الأخير فلأن المخاطب لغفلته وذهوله كأنه غير حاضر مع المتكلم في مكان واحد .
وقد تخرج ألفاظ النداء عن معناها الأصلى وهو طلب الإقبال إلى معان أخرى تستفاد من القرائن ، ومن هذه المعانى ما يأتى :
(1)الزجر كقوله :
يا قلب ويحك ما سمعت لناصح لما ارتميت ولا اتقيت ملاما
(2)التحسر والتوجع نحو قوله :
أي ا قبر معن كيف واريت جوده وقد كان منه البر والبحر مترعا
(3)الإغراء كقولك لمن أقبل يتظلم : يا مظلوم تكلم .
القواعد:
(52)النداء طلب الإقبال بحرف نائب مناب أدعو.
(53)أدوات النداء ثمان : الهمزة ،وأى ،ويا ،وآ ،وآى، وأيا ،وهيا،ووا.
(54)الهمزة وأى لنداء القريب ، وغيرهما لنداء البعيد.
(55)قد ينزل البعيد منزلة القريب فينادى بالهمزة وأى ،إشارة إلى قربة من القلب وحضوره فى الذهن . وقد ينزل القريب منزلة البعيد فينادى بغير الهمزة وأى ،إشارة إلى علو مرتبته،
أو انحطاط منزلته ،أو غفلته وشرو ذهنه .
(56)يخرج النداء عن معناه الأصلى إلى معان أخرى تستفاد من القرائن ،كالزجر والتحسر والإغراء.
نموذج
لبيان أدوات النداء في الأمثلة الآتية ، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد ، وما خرج عن ذلك مع بيان السبب :
(1) ابني إن أباك كارب يومه فإذا دعيت إلى المكارم فاعجل (1)
(2)يا من يرجى للشدائد كلها يا من إليه المشتكي والمفزع
(3)قل أبو العتاهية :
أيا من عاش في الدنيا طويلا وأفنى العمر في قيل وقال
وأتعب نفسه فيما سيفنى وجمع من الحرام أو الحلال
هب الدنيا تقاد إليك عفوا أليس مصير ذلك للزوال ؟
(4) وقال سوار بن المضرب (2) :
أيها القلب هل تنهاك موعظة أو يحدثن لك طول الدهر نسيانا
(5) وكتب والده لولده ينصحه :
أحسين إني واعظ ومؤدب فافهم فإن العاقل المتأدب
(1)كارب يومه :أى مقارب يومه الذى يموت فيه .
(2)شاعر إسلامى كان مع قطرى بن الفجاءة، وهو من بنى سعد تميم .
الإجابة
الأداة (الهمزة) وقد استعملت في نداء القريب جريا على الأصل .
الأداة (يا) وقد استعملت في النداء القريب على خلاف الأصل،إشارة إلى علو مرتبة المنادى وارتفاع شأنه.
الأداة (أيا) وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل ، إشارة إلى غفلة المخاطب.
الأداة (يا) وقد استعملت في نداء القريب على خلاف الأصل ، إشارة إلى أن المنادى غافل لاه فكأنه غير قريب
الأداة (الهمزة ) وقد نودى بها البعيد على خلاف الأصل ، إشارة إلى أن المنادى حاضر في الذهن لا يغيب عن البال فكأنه حاضر الجثمان .
تمرينات
(1)
بين أدوات النداء في الأمثلة الآتية ، وما جرى منها على أصل وضعه في نداء القريب أو البعيد ، وما خرج منها عن ذلك مع بيان الأسباب البلاغية في الخروج :
(1)قال أبو الطيب :
يا صائد الجحفل المرهوب جانبه إن الليوث تصيد الناس أحدانا (1)
(2) أيارب قد أحسنت عودا وبدأت إلى فلم ينهض بإحسانك الشكر
(3) أسكان نعمان الأراك تيقنوا بأنكم فى ربع قلبى سكان (2)
(4)قال تعالى يحكى قول فرعون لموسى عليه السلام :
"إنى لأظنك يا موسى مسحورا "
(5)قال أبو العتاهية :
أيا من يؤمل طول الحياة وطول الحياة عليه خطر
إذا ما كبرت وبان الشباب فلا خير فى العيش بعد الكبر
(6)وقال أبو الطيب فى مدح كافور من قصيدة أنشده إياها:
يا رجاء العيون فى كل أرض لم يكن غير أن أراك رجائى
(7)أى بنى ،أعد على ما سمعت منى.
(
أمحمد ،لاترفع صوتك حتى لا يسمع حديثنا أحد.
(9)أيا هذا،تنبه فالمكاره محدقة بك.
(10)يا هذا لا تتكلم حتى يؤذن لك.
(2)
ناد من يأتى ،مستعملا أدوات النداء استعمالا جاريا على خلاف الأصل من حيث قرب المنادى وبعده ، وبين العلل البلاغية فى هذا الاستعمال :
(1)غائبا تحن إلى لقائه. (3)منصرفا عن عمله تدعو إلى الجد.
(2)سفيها تنهاه عن التعرض للكرام. (4)عظيما تخاطبه وترجوه أن يساعدك.
(1)الجحفل :الجيش الكبير ،والليوث :الأسود، وأحدانا:جمع واحد وأصله وحدانا ،يقول :أنت أشد بطشا من الأسد،لن الأسد يصيد الناس واحدا واحدا وأنت تصيد الجيش برمته
(2)نعمان الأراك موضع فى بلاد العرب ،والربع:المنزل.
(3)
ماذا يراد بالنداء فى الأمثلة الآتية:
(1)أعداء ما للعيش بعدك لذة ولا لخليل بهجة بخليل(1)
(2)يا شجاع أقدم (تقوله لمن يتردد فى منازلة العدو)
(3)دعوتك يا بنى فلم تجبنى فردت دعوتى يأسا عليا
(4)بالله قل لى يا فلا ن ولى أقول ولى أسائل
أتريد فى السبعين ما قد كنت فى العشرين فاعل
(5)يا دار عاتكة حييت من دار سيرت فيك وفيمن أشعارى