الترتيب في العطية
قوله: " ويبدأ بالأول فالأول في العطية" وصورة ذلك إذا قال وهو مريض مرضا مخوفا: أعطوا زيدا خمسة آلاف، ثم في اليوم الثاني قال: أعطوا سعدا عشرة آلاف، ثم في اليوم الثالث قال: أعطوا إبراهيم عشرة آلاف، نظرنا إلى الجميع ثمانية عشر ألفا، ثم قُدِّر أنه لما مات حصرنا الثلث، ووجدنا الثلث عشرة آلاف ففي هذه الحال من يأخذ هذه العشرة ؟.
زيد: أوصى له -مثلا- أو أعطاه يوم الجمعة، نعطيه الثلاث آلاف، نبدأ بالأول، وسعد: أوصى له بخمسة آلاف يوم السبت، وقال: أعطوه نعطيه من هذا الثلث الذي هو عشرة آلاف، يبقى عندنا من الثلث ألفان، وعندنا إبراهيم أوصى له بعشرة آلاف ما بقي له إلا ألفان، خذ هذين الألفين هذه بقية الثلث، إذا قال: لماذا أعطيتموهم تماما، وما أعطيتموني إلا القليل؟.
فالجواب: لأنهم قبلك؛ لأنه تبرع لهم قبل أن يتبرع لك، فليس لك إلا بقية الثلث، وهكذا يقال، لماذا؟ لأن العطية تنفذ في الحياة، وإنما منعنا إخراجها؛ لأنه مريض فإن شفي من مرضه أعطاهم ما يريدون أو منعهم؛ لأن العطية والهبة لا تلزم إلا بالقبض، وأما إن مات فإنها ترجع إلى الثلث، فإن خرجت أعطياتهم كلها من الثلث أخذوها، وإن كان الثلث قليلا لم يخرج منه إلا الثلث، ويبدأ بالأول الذي هو زيد، يعطى ثلاثة الآلاف، ثم سعد يعطى خمسة الآلاف، ثم يبقى لإبراهيم من الثلث ألفان فليس لك إلا ذلك.
فهذا معنى: "ابدءوا بالأول فالأول في العطية" بخلاف الوصية، فإنهم يستوون لو قال: إذا مت فأعطوا زيدا ثلاثة آلاف، ثم قال بعد يوم: وأعطوا سعدا خمسة آلاف، ثم قال بعد يوم: وأعطوا إبراهيم عشرة آلاف، نظرنا إذا المجموع ثمانية عشر ألفا، ووجدنا الثلث تسعة آلاف، ففي هذه الحال ماذا نفعل؟ يسوى بينهم في الوصية، كيف التسوية؟ يعطى كل منهم بقدر حصته، ننظر في الثلث إذا هو تسعة آلاف، والوصايا ثمانية عشر ألف، ما نسبتها؟ النصف، فنقول: لك يا زيد ألف ونصف، ولك يا سعد ألفان ونصف، ولك يا إبراهيم خمسة، هذا هو الثلث، يبدأ بالأول فالأول في العطية، ويستوي المتقدم والمتأخر في الوصية.