الوصية لوارث
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال رحمه الله -تعالى- في كتاب الوصايا: "يسن لمن ترك مالا كثيرا عرفا الوصية في خُمُسه.
وتحرم ممن يرثه غير أحد الزوجين بأكثر من الثلث لأجنبي أو لوارث بشيء.
وتصح موقوفة على الإجازة، وتكره من فقير وارثه محتاج، فإن لم يفِ الثلث بالوصايا تحاصوا فيه كمسائل العول، وتخرج الواجبات من دين وحج وزكاة من رأس المال مطلقا.
وتصح لعبده بمشاع كثلث، ويعتق منهم بقدره، فإن فضل شيء أخذه، وبحمل تحقق، وجوده، لا لكنيسة، وبيت نار، وكتب التوارة والإنجيل ونحوهما، وتصح بمجهول ومعلوم، وبما لا يقدر على تسليمه.
وما حدث بعد الوصية يدخل فيها، وتبطل بتلف معين وُصِّي به، وإن وصَّى بمثل نصيب وارث معين فله مثله مضموما إلى المسألة، وبمثل نصيب أحد ورثته له مثل ما لأقلهم، وبسهم من ماله له سدس، وبشيء أو حظ أو جزء يعطيه الوارث ما شاء.
--------------------------------------------------------------------------------
نأتي إلى كتاب الوصايا:
اختصر المؤلف الوصايا مع كونها كثيرة، وقد توسع الفقهاء فيها، ومع ذلك فإن الغالب أن كلامهم إنما هو فرض مسائل، ذكر الله -تعالى- الوصية في القرآن، قال تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ كان هذا قبل أن تنزل الفرائض، فإن كان أحدهم إذا حضره الموت قال: قسموا مالي، أعطوا الوالد كذا، وأعطوا الوالدة كذا، وأعطوا الزوجة كذا، وأعطوا الأخ كذا، وأعطوا الابن أو البنت كذا وكذا، هو الذي يقسمه، أمر الله بذلك إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ولما نزلت آيات المواريث نسخ إطلاق الآية، وأصبحت الوصية لا تصح للورثة.
ثبت قوله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث فالوارث يكفيه نصيبه، الذين يرثون بكل حال كما سيأتينا في الفرائض، الأولاد ذكورا وإناثا، فلا يصح أن يوصي لهم، والأبوان الأب والأم يرثون بكل حال، فلا يصح أن يوصي لهم، والزوجة أو الزوج يرث بكل حال، فهؤلاء لا يصح أن يوصي لهم، وأما غيرهم فيصح أن يوصي لهم، إلا إذا كان يرث أو أوصى له وهو لا يرث، ولكن أصبح بعد ذلك وارثا، كما لو أوصى لأخيه من الأب، إذا مت فأعطوا أخي من الأب ألفا أو عشرين ألف كان محجوبا بأخيه الشقيق، مات الشقيق أصبح الأخ من الأب وارثا فلا يعطى شيئا من الوصية، ولا يوصى له؛ لأنه أصبح وارثا.
وكذلك مثال ذكرناه قريبا إذا أوصى لأخيه، وكان له ابن، مات الابن قبل الموصي، أصبح الأخ وارثا، فلا يصح أن يوصى له.